إبهاج المؤمنين بشرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين (الجزء الثاني)
العوض الذي يدفع للزوج مقابل الخلع
فإذا كرهت المرأة خُلُق زوجها أو خَلْقَه، وخافت ألا تقيم حقوقه الواجبة بإقامتها معه، فلا بأس أن تبذل له عوضًا ليفارقها.
ويصح في كل قليل وكثير ممن يصح طلاقه. فإن كان لغير خوف ألا تقيم حدود الله، فقد ورد في الحديث: رسم> من سألت زوجها الطلاق من غير ما بأس فحرام عليها رائحة الجنة متن_ح>
رسم>
.
قوله: (فإذا كرهت المرأة خُلق زوجها أو خَلْقه):
يعني: إذا كرهت المرأة زوجها لسوء خلقه، كأن يكون حقودًا غضوبًا شديدًا عليها ضرَّابًا لها، أو أنه بذئ اللسان يسب ويشتم ويقذف ويعيب ويتتبع العورات والعيوب ويكثر من التنقيب عليها في أفعالها وينتقدها في كل شيء قليل أو كثير؛ فهذه أخلاق سيئة.
وقوله: (أو خلقه)، يعني: إذا كرهت خلقته؛ بأن كان دميمًا أو قصيًرا أو نحو ذلك، حتى ولو كان هكذا قبل أن تتزوجه وهي تعرف ذلك ولكن وقع في نفسها بعد ذلك كرهه ودمامة شكله فكرهته لذلك.
قوله: (وخافت ألا تقيم حقوقه الواجبة بإقامتها معه):
أي: إذا خافت ألا تقوم بحقوقه الواجبة عليها، بأن قالت: إنني إذا صحبته فإنني سوف أقصر في حقه إن دعاني فإني لا آتيه إلا بتكره، وإن خدمته فإني أتثاقل في خدمته ولا أخدمه الخدمة الواجبة، وإن صحبته فإني أصحبه ونفسي تتقزز منه فلا أحبه.
قوله: (فلا بأس أن تبذل له عوضًا ليفارقها، ويصح في كل قليل وكثير ممن يصح طلاقه):
أي: إذا كرهت المرأة خلق زوجها، أو كرهت خلقه، أو خافت ألا تقيم حقوقه الواجبة عليها، فإنها في هذه الحال تفتدي نفسها، بأن تبذل له عوضًا ليفارقها رأس> وهذا العوض يصح بكل قليل أو كثير، فيصح أن يقبل منها ما تدفعه،
سواء دفعت له المهر كله أو بعضه ولو قليلا ثم يخلي سبيلها.
وقد اختلف في هذا العوض، هل يكون بقدر الصداق الذي دفعه؟ أم له أن يأخذ منها أكثر من صداقه؟
قال بعض العلماء: له أن يأخذ جميع ما تملك، واستدلوا بهذه الآية: رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
والقول الثاني: أنه لا يأخذ أكثر مما دفع، وذلك لأنه قد استمتع بها وقد وطئها واستحل من فرجها ما يستحل الزوج من امرأته، فلا يحل له أن يأخذ أكثر من مهره، والدليل قصة امرأة ثابت بن قيس بن شماس الأنصاري خطيب النبي صلى الله عليه وسلم، رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
![رواه البخاري رقم (5273، 5274، 5275، 5276، 5277) في الطلاق.](/site/books.png)
![انظر إرواء الغليل (7 / 103- 104). وانظر شرح الزركشي رقم (2679، 2680).](/site/books.png)
أعطاها.
واختلف أيضا هل هذا الفراق يعد طلاقًا أو لا يعد طلاقًا؟
وأكثر العلماء قالوا: لا يعد طلاقًا، فلو كان قد طلقها ثم راجعها، ثم طلقها ثم راجعها، ثم خالعها بعوض ثم أراد أن يتزوجها رأس> حلت له ولو كان ثلاثًا؛ لأن الخلع لا يعد طلاقًا، فلا يحسب من الطلقات؛ لأنه فراق من قبلها فلا يحسب طلقة، واستدل ابن عباس بالآية فقال: إن الله تعالى ذكر الطلقتين:
رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
قوله: (فإن كان لغير خوف ألا تقيم حدود الله، فقد ورد في الحديث: من سألت ... الخ):
يقول الله تعالى: رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
فإن كان طلبها الفراق ليس خوفًا ألا تقيم حدود الله ولكن من باب الاستبدال؛ كأنها تقول: أستبدل زوجا بزوج، أو أنها مثلاً عشقت زوجًا غيره ومالت إليه، فصارت تسيء صحبته حتى يفارقها، مع أنه لا ضرر منه، فمثل هذا حرام عليها، فقد ورد في الحديث: من سألت زوجها الطلاق من غير ما بأس فحرام عليها رائحة الجنة
![سبق تخريجه ص 280.](/site/books.png)
ذنبا كبيرًا، والغالب أن هذا يحدث فجأة ثم تتغير الحال، بحيث إنه يندم أو تندم فلأجل ذلك يقال: لا تستعجل إذا طلبت منك الطلاق؛ بل تمهل إلى أن تتغير الحال، ويقال لها: لا تطلبي الطلاق لأدنى مخالفة، أو لأدنى كلمة تسمعينها؛ فاصبري وتحملي.
مسألة>